23 أبريل 2012

غياب البرادعى.. أم تغييبه؟!

23 أبريل 2012
محمد أمين
فارق كبير بين غياب البرادعى بإرادته، وتغييب البرادعى بشكل قسرى وقهرى.. فقد افتقدنا الرجل فى الأيام الأخيرة.. وفى الليلة الظلماء يُفتقد البدر.. هكذا يقول العرب.. ما أحوجنا لرأى البرادعى فى أحداث الدستور والرئاسة.. كم كان ملهماً للثورة، وكم كان ملهماً فى كثير من الأمور.. لكنه غاب فجأة.. منذ يومين ظهر فى ساقية الصاوى، يؤسس حزب «الثورة».. وكما تأخر حزب الثورة، تأخرت الثورة أيضاً!
لم يكن غياباً للبرادعى، كان تغييباً.. لأن الرجل يفهم جيداً.. مطلوب مطبلاتية.. مطلوب ثوار مؤدبون، ومعارضة مؤدبة.. منذ اللحظة الأولى، قال الرجل نريد الدستور أولاً.. وقال نريد مجلساً مدنياً للرئاسة.. مرت الأيام فتأكدنا أن رؤيته كانت الصواب.. لا يتواطأ ولا يوالس.. شوهناه قبل الثورة بالكلام عن العمالة، ومايوه بنت البرادعى.. وشوهناه بعد الثورة.. وكان صبوراً، يؤمن برسالته ويؤمن بمصريته!
ربما كان الرجل يتألم، والمشروع الثورى يتعرض للمطبات.. وربما كان حزيناً.. لكنه فكر أخيراً فى حزب للثورة.. وقال: قمنا بثورة عظيمة، وانحرفنا عنها بسبب سوء النية والجهل.. هو يحمِّل المجلس العسكرى مسؤولية كبرى.. ويحمل المصريين مسؤولية أكبر.. لا تعتبروا كلامى تزكية لحزب الثورة، أو نوعاً من الانضمام له.. بالعكس.. قررت أن أكون مستقلاً.. لا إلى الوفد، ولا المصريين الأحرار!
أسمع فى كلام البرادعى أنين صاحب المشروع.. وصلنى أنين البرادعى، فى جملته عن الثورة العظيمة، وسوء النية والجهل.. فهمت أنه كان هناك استهداف لشخص البرادعى ولمشروعه.. الأعمى يدرك ذلك ويعرفه.. سكت الرجل.. وظن البعض سكوته انسحاباً من المشهد وضعفاً.. إحساسى أنه من النوع الذى لا ينسحب تماماً.. ومرة أخرى يعود من خلال تأسيس حزب، يطلب له خمسة ملايين عضو!
بالتأكيد لن يكون حزباً مصرياً بالشكل الذى عهدنا فيه الأحزاب المصرية.. هو حزب مصرى وطنى من طين الأرض، على الطريقة الغربية.. من حيث التنظيم ومن حيث التحرك.. ولا مانع من أن تكون هذه دعوة وتأييداً للحزب.. فليس معنى أن أكون مستقلاً، ألا أساند فكرة ناهضة.. مصر الثورة كانت تحتاج إلى حزب من رحم الثورة.. يحافظ على مكاسبها ويؤكد استمرارها.. من هنا تأتى أهمية الحزب الجديد!
اعتمد البرادعى فى بداية دعوته على الشباب.. وأظن أنه يعتمد الآن على الشباب أيضاً.. يقول البرادعى: «أتمنى أن يضم الحزب كل المصريين، باختلاف فكرهم وتياراتهم»، أضاف: «لابد أن نمنح الشباب الفرصة للتعلم، واكتساب الخبرات من جميع أنحاء العالم».. وقال: «أتمنى أن نحقق خمسة ملايين عضوية، حتى نكون قوة حقيقية مؤثرة»، لا يريد الشباب فى المناطق الراقية، لكنه يركز على العشوائيات!
أتوقع أن يلقى البرادعى حجراً جديداً، فى البحيرة الراكدة.. وأتوقع أن يحظى بأرضية شعبية، بما له من مصداقية.. فقد رفض الرجل الانضمام لأحزاب.. وأصر على تغيير الدستور.. ورفض اللعب بالطريقة التقليدية، وقرر أن يكون هناك مجلس رئاسى.. اليوم نعود لفكرة المجلس الرئاسى أو الفريق الرئاسى.. ضيعنا الوقت وضيعنا الثورة.. مرة بسبب سوء النية، ومرة بسبب الجهل، كما قال البرادعى أخيراً!
قد يكون هناك انقسام حول انسحاب البرادعى.. هناك من يتهمه بالتخاذل عن نصرة الثورة.. وهناك أيضاً من يراه محترماً، انسحب فى الوقت المناسب.. وقد يكون هناك اتفاق على تغييب البرادعى بالقوة القهرية.. لكن لا يوجد انقسام على ضرورة عودة الرجل للمشهد من جديد.. يلهمنا بأفكاره، كما ألهمنا بالثورة!
المصدر: المصري اليوم

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق